مَـــواعِــظُ الــمُــدهِـشِإخواني:
الدنــــــيا غــــــرّارة غدّارة،
خدّاعــــــــة مــكــــــــــّارة،
تظنّ مقيمةً و هي سيـــــّارة،
و مصالحةً و قد شّنـت الغارة♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥
نحّ نفساً عن القبيح و صنهـا
وتوّق الدنيا ولا تأمننـهـا
[/center]
لا تثق بالدني فما أبقت الدنيا
لحي وديعة لم تخـنـهـا
[/center]
إنما جئتها لتستقبل المـوت
وأسكنتها لتخرج عـنـهاـ
[/center]
ستخلى الدنيا ومـا لـك إلا
ما تبلغت أو تزودت منهـا
[/center]
وسيبقى الحديث بعدك فانظر
خير أحدوثة تكون فكنهـا
♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥
كأنك الموت وقد خطف،
ثم عاد إلى الباقي وعطف،
تنبّه لنفسك يا ابن النطف،
فقد حاذى الرامي الهدف،
إلى كم تسير في سرف....؟
ليت هذا العزم وقف،
تؤخر الصلاة ثم تسيئها كالبرق إذا خطف،
أتجمع سوء كيلة مع حشف..؟
الجسد أتى والقلب انصرف،
يا من باع الدر واشترى الخزف،
أبسط بساط الحزن على رماد الأسف
عليك حافظ وضابط،
ليس بناس ولا غالط،
يكتب الألفاظ السواقط
وأنت في ليل الظلام خابط.
يا من شاب إلى كم تغالط...؟
ابك ما مضى ويكفي الفارط،
ما للعيون قد أخلفت أنواؤها...؟
وكثر نظرها إلى الحرام فقل بكاؤها،
ما للقلوب المريضة...؟
قد عز شفاؤها،
سأكتب ضمان الآمال وأين وفاؤها...؟
آه لأمراض نفوس قد يئس طبيبها،
ولأصوات مواعظ قد خرس مجيبها،
هبت والله دبور الذنوب
فتركت الأجسام بلا قلوب،
أين الفهم والتأمل..؟
إن لم يكن جميل فليكن تجمل،
أخواني قد دنا الترحل،
لا بد وشيكاً من التحول.
رقيبكم يا غافلين لا يغفل،
أتذكرون الذنوب بلا تململ،
يا من يعد بالتوبة كم تمطل..؟
يا ملازماً للهوى كم تعدل...؟
المعاصي سم والقليل منه يقتل.
يا هذا الدنيا وراءك والأخرى أمامك،
والطلب لما وراءك هزيمة.
إنما يعجب بالدنيا من لا فهم له،
كما أن أضغاث الأحلام تسر النائم
لعب الخيال يحسبها الطفل حقيقة،
فأما العقل فيعلم ما وراء الستر
---------------
الفصل الحادي عشر من كتاب : المدهش
للإمام أبي الفرج عبد الرّحمن بن الجوزي رحمه الله
*******