س 1- عرف ماهية العقوبة وما عناصرها ؟(سؤال امتحان ذكر مرتين)
المطلب الأول
تعريف العقوبة
يعرف فقهاء القانون الجنائي العقوبة بأنها جزاء يقرره المشرع ويوقعه القاضى على كل من ارتكب فعلا أو امتناعا يعده القانون جريمة . يمكن القول بانه تعريف قانونى يخص قانون العقوبات ،ولا يصلح بالتالى لعلم العقاب الذى يدرس العقوبة كنظام إجتماعى .
إذا يمكن تعريف العقوبة بأنها "إيلام مقصود يوقع من اجل الجريمة ويتناسب معها ".
ويميز هذا التعريف أنه يربط العقوبة بالجريمة رابطة السبب بالمسبب كما وكيفا.
المطلب الثاني
س 2: عناصر العقوبة "موضع سؤال"
أولا :جوهر العقوبة الإيلام:
الألم جوهر العقوبة وهذا أمر بديهى إذ لا عقاب بدون ألم.ويقصد بالإيلام المساس بحق لمن تنزل به العقوبة
وحقوق الإنسان التى يتصور المساس بها كثيرة ،منها الحقوق المالية والحقوق غير المالية أو حقوق الشخصية . واهم الحقوق الشخصية تلك الطائفة من الحقوق المتعلقة بالكيان المادى للإنسان،أى حق الإٌنسان في الحياة ،وقد تمس به العقوبة فتلغيه حين تتمثل في الإعدام ،وحقه في سلامة البدن ويكون المساس به عن طريق العقوبات البدنية ، مثل الأشغال الشاقة ،والجلد وبتر الأعضاء في بعض الأنظمة .وأهم حقوق الإنسان كذلك حقه في التمتع بحريته الذى يحجب عنه طيلة مدة العقوبة السالبة للحرية .
يمكن أن يتحقق الإيلام كذلك إذا أصابت العقوبة حقا من الحقوق المالية ،وأهمها حق الملكية الذى تمس به العقوبات المالية ،مثل الغرامة والمصادرة .
والإيلام يفترض إكراها يخضع له من ينزل به،ومن ثم كانت العقوبة بطبيعتها متضمنة معنى القسر والإجبار ،إذ ليس من المألوف ان يتحمل شخص بمحض إرادته الإيلام.
وتتولى السلطات العامة في العصر الحديث إكراه المحكوم عليه على تنفيذ العقوبة بإعتبارها ممثلة للمجتمع الذى أسند إليها مهمة توقيع العقوبة نيابة عنه .
ثانيا: إيلام العقوبة إيلام مقصود:
تتميز العقوبة بان الألم الذى تحدثه فيمن توقع عليه ألم مقصود، فهى تفترض ان الإيلام أثر مقصود لإنزال العقوبة وتطبيقا لذلك ينتفى معنى العقوبة عن كل تدبير أو إجراء ينطوى بطبيعته على إيلام،لكنه يكون غير مقصود لذاته،مثل إجراءات التحقيق أو المحاكمة . فقد يقبض على المتهم ويفتش أو يحبس إحتياطيا ،وهى إجراءات لا يخلو تنفيذها عادة من مساس ببعض الحقوق ، ومع ذلك فهى لا تستهدف الإيلام وإن حدث بالفعل فهو غير مقصود.
وعنصر القصد في الإيلام هو الذى يبرز معنى الجزاء في العقوبة الجنائية.فما أنزله الجانى من شر بالمجتمع والمجنى عليه ،يتعين أن يقابله شر في صورة إيلام العقوبة .
وسوف نرى أنه مع التطور الذى صاحب النظرة إلى العقوبة وأغراضها حدث تطور مماثل في طبيعة الإيلام ودرجته. ففى الوقت الذى سادت فيه النظرة إلى العقوبة على أنها إنتقام من الجانى وكان القصد من الإيلام تحقيق أكبر قدر ممكن من الردع .
ومع ظهور اغراض أخرى للعقوبة بجانب الردع ،ظل الإيلام جوهر العقوبة ، لكن أصبح من غير المنطقى أن يقصد لذاته ،بل لتحقيق أغراض أخرى تعنى المجتمع ،وهى إصلاح المحكوم عليه وتأهيله للحياة الإجتماعية ،حتى لا يعود إلى الجريمة بعد تنفيذ العقوبة فيه. فظهرت أنظمة أو أساليب جديدة لتنفيذ العقوبة تركز على شخص المحكوم عليه ،لتستأصل منه دوافع الإجرام وتقضى على خطورته الإجرامية .
هذه النظرة الجديدة للعقوبة وأغراضها،إن كانت واضحة في فكرتها ،إلا أنها ليست سهلة التحقيق في الواقع العملى .ذلك انه لا يخفى أن الاصلاح والتأهيل عن طريق إيلام المحكوم عليه مسألة غاية في التعقيد ،وتحتاج إلى تنظيم وضبط للأساليب التى تتيح الوصول إلى هذا الغرض . وواضح ان عدم إستعمال هذه الأساليب يضعف من قدرة العقوبة على بلوغ أغراضها ،ويجعل الإيلام غرضا في ذاته ،فيكون ضرره أكبر من نفعه.
ثالثا: إرتباط إيلام العقوبة بالجريمة :
القاعدة انه لا عقوبة توقع إلا إذا ارتكبت جريمة ،فالعقوبة ترتبط بالجريمة وتوقع من اجلها ،وينبغى ان تتناسب معها. ويعنى ذلك أن إيلام العقوبة يجب أن يرتبط بالجريمة من وجهين :
الأول:- أن الإيلام الذى تتضمنه العقوبة لا يمكن إنزاله إلا كأثر للجريمة ويعنى ذلك ان يكون لاحقا على ارتكاب الجريمة .
وهذا الوجه من أوجه الارتباط بين الإيلام والجريمة ،هو الذى يميز العقوبة عن الإجراءات التى تتخذ قبل وقوع الجريمة وتستهدف الوقاية منها ،فهذه الإجراءات لا تعد من قبيل العقوبات .
الثانى :- إن إيلام العقوبة الذى تسببه الجريمة ويتحقق كأثر لها ،يجب أن يتناسب مع الجريمة . ويعنى ذلك أن هناك قدرا من التناسب ، ينبغى ضمانه كحد أدنى لا يمكن التجاوز عنه .فقوام فكرة الجزاء ليس فحسب مقابله الشر بالشر أيا كان ولكنه قبل ذلك وفوق ذلك الشر بشر مثله.والمثلية تقتضى التعادل والمساواة.
لكن كيف يمكن الوصول إلى التناسب بين إيلام العقوبة والجريمة ؟ الواقع أنه من الممكن تصور أكثر من معيار يمكن ان يقاس به هذا التناسب.
أ- من الممكن أن يعتمد التناسب على مدى جسامة الماديات الإجرامية ، بحيث يتحدد الإيلام بالنظر إلى مدى جسامة الإعتداء الذى حدث على الحق او المصلحة محل الحماية الجنائية، دون إلتفات إلى نصيب الإرادة الإجرامية من الخطأ . وطبقا لهذا المفهوم يكفى لتحقق الصلة بين إيلام العقوبة والجريمة أن تنسب الماديات إلى شخص معين يكون هو الذى أتاها ،وان يكون فعله هو سبب النتيجة الإجرامية .
ب- ومن الممكن كذلك ان يكون معيار التناسب بين إيلام العقوبة والجريمة هو نصيب الإرادة الإجرامية من الخطأ. ويؤدى ذلك إلى تطلب أن يكون الإيلام متناسبا مع درجة الإثم المنسوب إلى مرتكب الجريمة ، بصرف النظر عن مدى جسامة الماديات الإجرامية .وفى هذه الحالة يتحدد التناسب على أساس معيار شخصى ، فيلزم لإستحقاق العقاب ،وتحديد قدر الإيلام الذى يتضمنه ان تقوم صلة سببية نفسية بين فعل الجانى ونفسيته.ولا ينفى ذلك ان يكون الماديات الاجرامية دورها في الكشف عن نطاق الإرادة الإجرامية .
ج- ومن الممكن أخيرا الجمع بين المعيار الموضوعي والمعيار الشخصي ، لتحديد درجة التناسب بين إيلام العقوبة والجريمة ،والتنسيق بينهما حسب نوع الجرائم . ففى طائفة منها يغلب الجانب الموضوعى على الجانب الشخصى والعكس بالنسبة لطائفة أخرى .
والتناسب بين العقوبة والجريمة على النحو السابق بيانه ،لا يتصور إستهدافه ومحاولة الوصول إليه إلا عند إختيار وتحديد نوع العقوبة ومقدارها اى في مرحلتى التفريد التشريعى والقضائى .
1) فتحقيق التناسب بين إيلام العقوبة والجريمة في المرحلة التشريعية ، يعنى التفريد التشريعي للعقوبة ، وهو يقوم بالضرورة على أساس موضوعى حيث يراعى فيه بصفة أساسية الفعل لا الفاعل . والواقع أن المشرع لا يمكنه في هذه المرحلة أن يفعل أكثر من ذلك ،إذ أنه لا يعرف غير أفعال مجردة ، يزن درجة الإيلام بالنسبة لها، مراعيا جسامتها من الناحية المادية فحسب .
2) أما تحقيق التناسب بين إيلام العقوبة والجريمة في المرحلة القضائية ،فإنه يعنى التفريد القضائى للعقوبة . ففى هذه المرحلة يقوم القاضى بإختيار نوع العقوبة ومقدارها من بين العقوبات التى حددها المشرع . وفي سبيل تحقيق التناسب يمكن للقاضى أن يراعى بالاضافة إلى جسامة ماديات الجريمة –شخصيا مرتكبها . والواقع أنه في هذه المرحلة يمكن للقاضى إكمال عمل المشرع في سعيه للوصول إلى تناسب حقيقى بين إيلام العقوبة والجريمة .
3) فإننا لا نرى محلا له في مرحلة تنفيذ العقوبة . ذلك أن علم العقاب الحديث لا يولى التناسب في مرحلة التنفيذ العقابى إهتماما وما ينبغى له ذلك. ويعنى ذلك ان على سلطات التنفيذ ألا تتجاوز بالزيادة قدر الإيلام الذى تتضمنه العقوبة المحكوم بها ،وإنما يجب عليها ان تحاول إستثمار هذا القدر من الإيلام –وفق أساليب ملائمة لتحقيق الغرض منه ،وهو إصلاح المحكوم عليه وتأهيله.
وليس مؤدى هذا القول حرمان سلطات التنفيذ من تفريد المعاملة العقابية حسب الظروف الشخصية لكل محكوم عليه، وما تفرضه مقتضيات تأهيله، فالتفريد في مرحلة التنفيذ العقابى أمر مقرر ومعترف به. إنما الذى نعنيه أن سلطات التنفيذ لا يحق لها أن تتجاوز قدر الإيلام الذى تفرضه طبيعة العقوبة المحكوم بها،إذا ما تراءى لها عدم تناسبه مع الجريمة المرتكبة .
انتهت اجابة السؤال
س- اكتب في المدرسة التقليدية لبيان غرض العقوبة ؟" سؤال امتحان"
أولا :نشاة المدرسة :
نشأت هذه المدرسة في النصف الثانى من القرن الثامن عشر . واهم رجال هذه المدرسة مؤسسها الإيطالى "بيكاريا" وقد اصطبغت آراء هذه المدرسة بالروح الديمقراطية وحاولت تطبيقها على النظام الجنائى .
ومن ثم نادى رجال هذه المدرسة بالتخفيف من قسوة العقوبات ،وإقرار قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات ،وإقرار المساواة بين من يرتكبون الجريمة نفسها . والتخفيف من قسوة العقوبات يستتبع إستبعاد تعذيب المتهم لحمله على الإعتراف ....إلخ
وقد أسس رجال المدرسة التقليدية مذهبهم على فكرتين أساسيتين هما :
أ- العقد الاجتماعى :
نشات المدرسة التقليدية في وقت ذاعت فيه فكرة العقد الإجتماعى مضمونها أن الفرد لم يتنازل عن حريته للمجتمع –بمقتضى العقد الاجتماعى – إلا بالقدر اللازم لتنظيم الحياة الإجتماعية وضمان استقرارها . يترتب على ذلك أن سلطة المجتمع في العقاب ليست إلا جماع ما تنازل عنه الأفراد من حقوق بالعقد الإجتماعى ،وأن كل عقوبة تزيد على القدر اللازم لحماية المجتمع وضمان إستقراره هى عقوبة غير عادلة . وتطبيق ذلك لابد أن يقود إلى التخفيف من قسوة العقوبات ،وإلى المساواة امام نصوص التجريم والعقاب .
ب- المنفعة الإجتماعية :
أما فكرة المنفعة الإجتماعية فمؤداها أنه لا يمكن تبرير العقوبة إلا بإعتبارها وسيلة ضرورية لحماية المجتمع وتحقيق مصلحته المشروعة في مكافحة الإجرام. وهذه الفكرة لا تتعارض مع إمكانية تشديد العقوبات ،إذا إقتضت مصلحة المجتمع ذلك.اما حين تتجاوز سلطات المجتمع في العقاب نطاق المنفعة الإجتماعية ،فإن ذلك يعد خروجا على المصلحة المشروعة للمجتمع في مكافحة الإجرام .
ثانيا: أغراض العقوبة وفقا للمدرسة:
تركزت أغراض العقوبة وفق آراء المدرسة التقليدية حول فكرة الردع العام. فغرض العقوبة هو ألا يكرر المجرم إجرامه وألا يقلده فيه غيره. ويحدد هذا الغرض وظيفة العقوبة – لدى "فويرباخ"- وهى أن تخلق لدى الأفراد بواعث مضادة للبواعث الإجرامية تتوازن معها أو ترجح عليها فتصرفهم عن الإجرام.
أ- مزاياها:
لاشك في أن المدرسة التقليدية قد ساهمت مساهمة بالغة الأهمية في القضاء على مساوئ النظام الجنائى الذى كان سائدا وقت ظهورها .وقد ظهر أثرها واضحا في إرساء مبدأ الشرعية الجنائية ،والقضاء على استبداد القضاة وتحكمهم في مجال التجريم والعقاب . ويرجع إليها كذلك فضل التخفيف من قسوة العقوبات ،وإستبعاد التعذيب فى الإجراءات الجنائية .
وقد ظهر تأثير أفكار هذه المدرسة واضحا في إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر عن الثورة الفرنسية .كما تأثر قانون العقوبات الفرنسي الصادر سنة 1791 بتعاليم هذه المدرسة ، وتجلى هذا التأثير في التخفيف من قسوة العقوبات وطرق تنفيذها.
ب- عيوبها:
يعاب على هذه المدرسة مغالاتها في التجريد والموضوعية وهو ما صرفها عن العناية بشخصية مرتكب الجريمة وظروفه،ودفعها إلى التركيز على الفعل وجسامته.
والواقع ان المساواة المجردة في العقوبة التى ينطق بها القاضى بين الأشخاص الذين يرتكبون نفس الجريمة هى عين اللامساواة .لأن المساواة الحقيقية تعنى ان ينال كل محكوم عليه من الجزاء الجنائى قدرا يتناسب مع الظروف التى احاطت بجريمته ، ويستجيب للجوانب المختلفة في شخصيته.
وفيما يتعلق بتنفيذ العقوبة ، تقود المساواة المجردة إلى توحيد طريقة التنفيذ بالنسبة للمحكوم عليهم بعقوبات متماثلة رغم إختلاف خطورتهم الإجرامية.وهذا أمر يتنافى مع مقتضيات الإصلاح والتأهيل كغرض من أغراض العقوبة .
ويعد إهمال تفريد الجزاء الجنائي ، لتحقيق غرض العقوبة في الإصلاح والتأهيل ،أحد المآخذ الرئيسية على المدرسة التقليدية ،التي لم تهتم إلا بالردع العام باعتباره الغرض الوحيد للعقوبة .
انتهت إجابة السؤال
س- تكلم عن المدرسة التقليدية الحديثة (أغراض العقوبة وفقا لها وتقديرها)
اولا :نشأة المدرسة:
كان إطلاق الطابع الموضوعى المجرد. وإهمال شخص المجرم في أفكار المدرسة التقليدية هو الدافع لنشأة المدرسة الحديثة . ومن ثم فقد كان طبيعيا أن توجه هذه المدرسة عنايتها إلى شخص المجرم .وذلك دون تنكر كامل للمبادئ التى قامت عليها المدرسة التقليدية .وكان مؤدى ذلك محاولة التوفيق بين المبادئ التقليدية ومقتضيات العدالة التى تغافلت عنها المدرسة التقليدية الأولى .
وقد ذاعت أفكار هذه المدرسة خلال القرن التاسع عشر،وكان من اهم رجالها "روسى" و"شارل لوكا" .وأسس رجال المدرسة التقليدية الحديثة فكرهم على دعامتين أساسيتين هما : العدالة المطلقة والمنفعة الإجتماعية .
1)فمن ناحية رأى أنصار هذه المدرسة أن علة العقاب تكمن في العدالة المطلقة . وأن الغرض الذى ينبغى أن تسعى العقوبة إلى تحقيقه هو هذه العدالة . ومؤدى ذلك ان غاية العقوبة ووظيفتها تحقيق العدالة المطلقة
2) ومن ناحية أخرى لم يقتصر رجال هذه المدرسة على تبرير العقوبة بفكرة العدالة المطلقة ،بل إن بعض أنصارها إستعانوا بفكرة المنفعة الإجتماعية ،ولم يغفلوا بالتالى الردع العام كأساس للعقوبة .
ثانيا: أغراض العقوبة وفقا للمدرسة
يتضح مما تقدم ان العقوبة تستهدف وفقا للفكر التقليدى الحديث تحقيق غرضين هما: العدالة من ناحية والردع العام من ناحية أخرى .
فتحقيق العدالة المطلقة يجب ان يكون غرضا تسعى العقوبة إلى تحقيقه بإعتبار العدالة في ذاتها قيمة أخلاقية وإجتماعية . وإعتبار العدالة أحد اغراض العقوبة يفرض العناية بشخص المجرم، لتحقيق التناسب الفعلى بين العقوبة وهذه الشخصية ،كما يفرض التخفيف في العقوبات حتى تتناسب مع جسامة الجريمة وخطورة المجرم.
اما الردع العام وهو غرض نفعى تشترك فيه المرسة التقليدية الحديثة مع المدرسة التقليدية الأولى
ثالثا: تقدير المدرسة التقليدية الحديثة :
أ- مزاياها
ب- عيوبها
1) يعاب على هذه المدرسة ، عدم وضع ضابط محدد يمكن بواسطته قياس حرية الاختيار ،إذ كيف يمكن قياس مقدرة الشخص على مقاومة البواعث الشريرة ، للقول بعد ذلك بوجود حرية الإختيار او عدم وجودها أو إنتقاصها.
2)ويؤخذ على هذه النظرية ما يقود إليه منطقها من تخفيف العقاب على المجرمين العائدين إلى الجريمة والمعتادين عليها.وهذه النتيجة تصطدم ببديهيات السياسة الجنائية التى تفرض على العكس تشديد عقاب العائدين إلى الجريمة
3) وأخيرا فإن التوسع في حالات المسؤولية المخففة يؤدى إلى الإكثار من إستعمال عقوبات سالبة للحرية قصيرة المدة ،وهى عقوبات مشبوهة وسيئة السمعة في السياسة الجنائية
4) أغفلت تمام الردع الخاص من بين أغراض العقوبة وذلك يجرد العقوبة من وظيفتها كأداة إصلاح وتأهيل للمحكوم عليه
رابعا :المدرسة العقابية
نشأ في إطار الفكر التقليدى الحديث إتجاه جديد تزعمه الفرنسى "شارل لوكا" . فقد لوحظ إزدياد في نسبة الاجرام ، عزاه خصوم المدرسة التقليدية الحديثة إلى الأسس النظرية التى يقوم عليها فكرها . لكن بعض أنصار هذه المردسة لاحظوا ان هذه الزيادة مصدرها فساد نظام السجون وليس خطأ الأفكار التقليدية . ومن ثم إنصرفت جهودهم على الكشف عن عيوب نظام السجون ،ورأوا انها تتمثل في الاختلاط بين النزلاء رغم تفاوت خطورتهم الإجرامية وعدم إتباع أساليب التهذيب والإصلاح في داخل السجون.
وللقضاء على هذه العيوب ،إقترح بعض أنصار المدرسة العقابية الأخذ بنظام الحبس الإنفرادى .اما عن نظام المعاملة داخل المؤسسة العقابية ، فقد نادى انصار هذه المدرسة بضرورة الإهتمام بتنظيم العمل داخل السجن وبالتهذيب وبالرعاية الصحية للمحكوم عليه.
انتهت الاجابة
س- اكتب في المدرسة الوضعية الإيطالية .نشأتها وتحديدها التدابير وتقديرها ؟ "سؤال امتحان مهم"
اولا :نشاة المدرسة :
نشأت المدرسة الوضعية في إيطاليا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر،ويعد "لمبروزو" مؤسسها الحقيقي ،إضافة إلى "فيرى" و"جاروفالو" وهما من تلاميذه. وقد ظهرت آراء هذه المدرسة كصدى للفشل الذي لقيته الآراء التقليدية.
لذلك تبنت المدرسة الوضعية منهجا علميا تجريبيا في دراسة الظاهرة الإجرامية لم يكن تبنى على أسس علمية .لذلك تبنت المدرسة الوضعية منهجا علميا تجريبيا في دراسة الظاهرة الإجرامية لم يكن قد إستعمل بعد في هذا المجال.
وقامت المدرسة الوضعية على أساس إعتناق فكرة حتمية الظاهرة الإجرامية ،وبالتالى رفض مبدأ حرية الإختيار كأساس للمسؤولية الجنائية.
فالجريمة في نظر أنصار هذه المدرسة ليست سلوكا يختاره المجرم،وإنما هي نتيجة حتمية لعوامل دافعة ، لا يملك الجاني إزاءها أي قدر من الحرية ،ومن ثم يكون المجرم مدفوعا حتما إلى الجريمة بفعل مجموعة من العوامل ،بعضها داخلي يرجع إلى التكوين العضوي والنفسي للجاني ،وبعضها خارجي مرده إلى ظروف البيئة التي يحيا فيها.
والتسليم بحتمية الظاهرة الإجرامية ،ونفى حرية الإختيار عن الجانى يقود إلى نفى المسؤولية الجنائية القائمة على أسس أخلاقية ،وإحلال نوع من المسؤولية الإجتماعية محلها .
ويقود منطق المدرسة الوضعية إلى عدم الإعتراف بفكرة العقوبة في مفهومها التقليدى .ورفض فكرة العقوبة ناتج عن إنكار فكرة المسؤولية الجنائية التى حل محلها مبدأ المسؤولية الاجتماعية.
ومادامت الجريمة حتمية،فإن التدبير الذى يتخذ لمواجهة الخطورة الإجرامية لا ينبغى أن يواجه الجريمة في ذاتها .ويعنى ذلك أن يتجرد من الصفة الجزائية ،ولا يكون للجريمة دور كبير في تحديده ،بل يكون مناطه الخطورة الاجرامية ،وهدفه مواجهتها في شخص مرتكب الجريمة .وإنكان للجريمة من قيمة فى هذا الصدد،فإنما يكون بإعتبارها مؤشرا على وجود الشخصية الإجرامية .
والقول بان الخطورة الإجرامية هى مناط التدبير الذى يتخذ قبل من توافرت فيه الخطورة ،يعنى وجوب تحديد نوعها ودرجتها ،كى ياتى التدبير ملائما لها .
فمن ناحية اخرى ،يجب ان تتنوع التداببر لكى يمكن تحقيق الملاءمة بين نوع التدبير ومقدار الخطورة الإجرامية ودرجتها.
وعلى ذلك تكون الخطورة الإجرامية هى مناط التدابير الإحترازية ،مما يقتضى تصنيف المجرمين إلى طوائف على أساس نوع الخطورة ، توصلا إلى تحديد التدابير الملائمة لكل طائفة. وقد قسمت المدرسة الوضعية المجرمين إلى طوائف خمس هى :
أ- المجرمون بالطبيعة او الميلاد ويطبق بشانهم تدبير إستئصالى أو إبعادى
ب- المجرمون المعتادون،وتطبق عليهم كذلك تدابير إستئصال وإبعاد.
ج- المجرمون بالمصادفة أو العرضيون وتطبق بشأنهم تدابير تحول دون تعرضهم للعوامل التى سببت وقوعهم في الجريمة حتى لا يعودوا إليها مرة أخرى .
د- المجرمون العاطفيون،وتتخذ قبلهم تدابير يراعى فيها اكبر قدر من التسامح .
هـ- المجرمون المجانين او ذوو العاهات العقلية ،ويكون التدبير المتخذ قبلهم هو علاجهم في المصحات المتخصصة .
ثانيا :أغراض التدابير وفقا للمدرسة الوضعية
غرض التدابير الجنائية وفقا للمدرسة الوضعية هو مواجهة الخطورة الإجرامية ،أى منع المجرم من الاضرار بالمجتمع في المستقبل .ويعنى ذلك في تعبير آخر أن غرض التدبير هو الردع الخاص للمجرم. ويمكن جمع وسائل تحقيق هذا الغرض في وسيلتين:
الأولى :شل مفعول العوامل الإجرامية لدى المجرم عن طريق العلاج والتهذيب.
الثانية :إستئصال المجرم ذاته إذا تأكدت إستحالة شل مفعول العوامل التى تدفعه إلى الجريمة .
وقد إقتضى التسليم بمبدأ "حتمية الظاهرة الإجرامية" حصر غرض التدابير كصورة وحيدة للجزاء الجنائى في مواجهة الخطورة الإجرامية ،أى في الردع الخاص .ويؤدى هذا المنطق بالضرورة إلى إنكار ما عدا ذلك من الأغراض التى يمكن نسبتها إلى الجزاء الجنائى .ويعنى ذلك أن تحقيق العدالة ليس غرضا من أغراض التدابير الجنائية ،كما أن الردع العام ليس بدوره غرضا ينبغى أن تستهدفه هذه التدابير.
ثالثا: تقدير المدرسة الوضعية :
أ-مزايا المدرسة الوضعية:
1- إستخدام الأساليب العلمية التجريبية في دراسة الظاهرة الإجرامية والتعرف على شخص المجرم.
2- العناية بتصنيف المجرمين ،وتوجيه الأنظار إلى ضرورة تفريد المعاملة بما يلائم ظروف كل طائفة.وقد أصبح تفريد المعاملة العقابية ،سواء في مرحلة التشريع أو التطبيق القضائى أو التنفيذ العقابى ، من أهم مبادئ السياسة الجنائية الحديثة .
3- إبتكار التدابير الإحترازية كصورة للجزاء الجنائى ،تصلح لطائفة خاصة من المجرمين ،يمثلون خطورة على المجتمع،ولا تجدى معهم العقوبات بمفهومها التقليدى .
4- إبراز أهمية "التدابير المانعة " والوسائل العامة للوقاية الاجتماعية من الجريمة ،وقد أطلق عليها الأستاذ "فرى" "البدائل العقلية ".وتعنى هذه الوسائل تنقية البيئة الاجتماعية من العوامل التي تقرب الفرد من الإجرام ، مثل البطالة والتشرد والفراغ
ب- عيوب المدرسة الوضعية
لم تسلم المدرسة الوضعية من النقد، فهى قد تطرفت في الرأى في بعض الأمور . ويرجع هذا إلى تركيز المدرسة على عيوب الآراء التقليدية ومحاولة هدمها،دون الإستفادة بجوانبها الإيجابية وإكمال أوجه القصور فيها.ومن هذا المنطلق وجهت إلى المدرسة الوضعية عدة إنتقادات ، نوجز أهمها فيما يلى .
1) الإنكار المطلق للحرية الإختيار كأساس للمسئولية النائية وهو أمر لا يمكن قبوله أو التسليم به، لما يتضمنه من مغالطة ،وما يترتب عليه من مساواة الانسان بالمخلوقات الأخرى المتجردة من الوعى والإرادة . يضاف إلى ذلك ان مبدأ حتمية الظاهرة الإجرامية ،الذى تبنته المدرسة الوضعية هو محض افتراض لا يتطابق مع الواقع ولم يقم الدليل العلمى على صحته.
2) إهدار كل قيمة ذاتية للجريمة المرتكبة .وقد ترتب على ذلك إغفال دورها في تحديد صورة المعاملة التى يخضع لها المجرم.وهذا أمر يخالف المنطق القانونى.
3) الإقتصار على الردع الخاص كوظيفة للتدابير التى تنادى بها ويعنى هذا إستبعاد تحقيق العدالة والردع العام من بين أغراض التدابير .
4) فساد فكرة "المجرم بالطبيعة أو الميلاد" التى اعتمدت عليها. وقد ميزته بمجموعة من العلامات العضوية والنفسية .وأخطر ما في هذه الفكرة يتمثل في التدبير الذى يتخذ قبل هذا المجرم المزعوم،وهو إستئصاله من المجتمع،ولو لم يكن قد إرتكب بالفعل جريمة . ولا يخفى ما في ذلك من عصف خطير بالحريات الفردية .
انتهت الاجابة
وانتظروا المزييييييييييييييييييييييد وبالتوفيق